رسالة الراعي الصالح


آلام الظهر قاتلة؟ تمارين بسيطة على كرسي المكتب تنقذ عمودك الفقري

الظهر هو من أكثر أجزاء الجسم التي تعتمد عليها يوميًا دون انتباه حقيقي لأهميته حتى يفاجئك الألم. تشير الدراسات الحديثة أن أكثر من ٨٠٪ من الناس في الشرق الأوسط عانوا أو سيعانون من آلام الظهر في مرحلة ما من حياتهم، وغالبًا بسبب الجلوس الطويل في المكتب أو أمام الحاسوب. البعض يعتقد أن آلام الظهر عابرة، لكن في الحقيقة، إذا تُركت دون علاج أو تغيير في أسلوب الحياة، قد تتطور لآلام مزمنة تؤثر على جودة النوم، وتقلل من القدرة على العمل، بل قد تصل إلى مضاعفات عصبية خطيرة، مثل الانزلاق الغضروفي أو الضغط على الأعصاب. الأطباء يحذرون: تجاهل الآلم قد يجعله "قاتلًا" للحياة الطبيعية والنشاط اليومي.

قوس الحياة: كيف تؤثر أوضاع الجلوس على العمود الفقري؟
مع انتشار الأعمال المكتبية والعمل من المنزل، أصبح الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات أمرًا شائعًا. ما لا يعرفه الكثيرون أن طريقة الجلوس الخاطئة تقوس العمود الفقري وتضغط على الفقرات والأعصاب، ما يؤدي على المدى الطويل إلى مشاكل متعددة. الجلوس بدون دعم قطني (أسفل الظهر) يتسبب في شد العضلات وإرهاقها. كذلك، ثني الرقبة للأمام باستمرار، كما يحصل أثناء استعمال الجوال أو اللابتوب، يزيد الضغط على الأقراص الفقرية. الباحثون ينصحون بتغيير وضعية الجلوس كل ٤٠-٥٠ دقيقة، وتجنّب الانحناء للأمام، مع التأكد من أن شاشة الحاسوب في مستوى العين. تذكّر: العمود الفقري السليم أساس الحركة السلسة والحياة الصحية.

ليس عليك مغادرة مكتبك أو قاعة الاجتماعات لتحمي عمودك الفقري. هنالك تمارين بسيطة وفعالة يمكنك تنفيذها أثناء الجلوس على كرسي العمل، تعيد النشاط لعضلات الظهر وتقلل من الإصابة بالشد العضلي. إليك قائمة بأهم هذه التمارين:

  • تمرين التمدد القطري: اجلس على الكرسي وامدد ذراعيك للأمام وتقدم قليلًا بجذعك، ستشعر بتمدد في أسفل الظهر.
  • دوران الجذع: مع وضع اليدين على الفخذين، حرك الجزء العلوي من الجسم بتنفسٍ عميق إلى جهة اليمين ثم اليسار.
  • رفع الركبتين: ارفع ركبة واحدة باتجاه الصدر مع الحفاظ على استقامة الظهر، ثم بدّل إلى الركبة الثانية.
  • لف الكتفين: قم بتدوير الكتفين للأمام والخلف عدة مرات؛ هذا يُخفف من توتر الرقبة والظهر العلوي.
  • تمديد الساقين: مدد ساقك للأمام مع شدّ مشط القدم، ثم بدّل للأخرى؛ هذا يُحسن من الدورة الدموية ويخفف الضغط عن الظهر.
  • أثبتت الدراسات أن ممارسة هذه التمارين مرتين يوميًا كافية لتقلل من فرص تعرضك لآلام حادة أو مستمرة في الظهر.

أسلوب الحياة الذكي: نصائح فعالة لعادات يومية صحية للظهر
دعم صحة العمود الفقري لا يعتمد فقط على ممارسة التمارين الرياضية، بل يرتبط بشكل وثيق بنمط حياتك اليومي. فهناك عادات بسيطة يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا في سلامتك وصحتك الجسدية. من أهم هذه العادات: اختيار كرسي يوفر دعمًا جيدًا لأسفل الظهر، والحرص على الجلوس بوضعية مستقيمة مع إبقاء القدمين مثنيتين بشكل صحيح. كما يُنصح بتجنب الجلوس المتواصل من خلال قطع العمل كل ساعة لبضع دقائق للمشي أو التمدد، بالإضافة إلى شرب الماء بانتظام للحفاظ على مرونة الفقرات والغضاريف. كذلك، يجب تنظيم وضعية اللابتوب أو شاشة الكمبيوتر لتكون في مستوى العين تمامًا، وتجنب حمل الأشياء الثقيلة أو القيام بحركات التواء حادة ومفاجئة للجسم. ومن الجدير بالذكر أن هذه التغييرات البسيطة في نمط الحياة يمكن أن تقلل حتى 50% من مسببات آلام الظهر في مكاتب العمل، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2024.

تنتشر بين الرجال والنساء العديد من المعتقدات الخاطئة حول آلام الظهر، بعضها قد يكون ضارًا جدًا. من أكثرها شيوعًا الاعتقاد أن الراحة في السرير أفضل علاج. اليوم أثبتت الأبحاث أن الحركة المنظمة وتمارين الاستطالة (Stretching) تعزز الشفاء أسرع من الاستلقاء المستمر، الذي غالبًا ما يضعف عضلات الظهر. هناك اعتقاد أن الألم يعني بالضرورة الانزلاق الغضروفي أو هشاشة العظام، لكن في معظم الحالات يكون السبب إجهاد العضلات أو الأوتار وليس مرضًا خطيرًا. كذلك، يظن البعض أن الشباب لا يصابون، بينما الحالات في الأعمار الصغيرة إلى المتوسطة تزداد بسبب قلة الحركة. الشفاء يبدأ بالتوعية والتصرف الصحيح ومنع عوامل الخطر، لا بتجاهل الألم.

رسالة أمل: حماية صحة ظهرك مستقبل أفضل لك ولعائلتك
الوقاية دائمًا خير من العلاج، ولا تحتاج إلى معدات باهظة أو تغيير كامل في الحياة. دمج تمارين بسيطة وأسلوب جلوس صحي في يومك ينعكس بشكل إيجابي على الكفاءة في العمل والمزاج العام والصحة الجسدية. احرص على نشر التوعية بين أصدقائك وزملائك وأفراد أسرتك، لأن مشكلة آلام الظهر ليست فردية وإنما أصبحت مشكلة مجتمعية مع ازدياد ساعات الجلوس اليومية. لحياة منتجة، وظهر قوي، وراحة نفسية: استمع لجسدك وابدأ التغيير من مكتبك اليوم، فقد يكون التغيير البسيط الذي تنفذه الآن هو ما ينقذ عمودك الفقري غدًا.

الأكثر مشاهدة