تطبيقات التواصل الاجتماعي سجون أبدية.. حيل نفسية تعتمد عليها للسيطرة على المستخدمين
- ثقافة
- May 28, 2025

أثناء قيامك بشيء ما أو أثناء ساعات العمل من الممكن أن يصلك إشعار على هاتفك الذكي، تفتح هاتفك لترى ماهية هذا الإشعار، تنقر عليه لفتح التطبيق، ومن ثمَّ تمضي بك الساعات داخل هذا التطبيق دون وجود أيّ هدف.
هل حدث معك مثل هذا السيناريو مسبقاً؟ لا تستغرب فأنت واحد من بين عشرات الملايين الذين نجحت تطبيقات التواصل الاجتماعي في خداع أدمغتهم والسيطرة عليها، ولكن كيف حدث ذلك؟
في هذا المقال سوف نناقش بعضاً من الحيل والخدع النفسية التي تستخدمها الشركات في تطبيقات التواصل الاجتماعي لتجعلك مدمناً على استخدامها، وراغباً بالعودة إليها باستمرار، كما سوف نستعرض في نهاية المقال بعضاً من الحلول العملية لتجنُّب هذه الحيل واستخدام التكنولوجيا بشكل أفضل.
1- استراتيجية تنبيه – فعل – مكافأة
تعتبر هذه الاستراتيجية من أكثر الاستراتيجيات الفعّالة التي تستخدمها تطبيقات التواصل الاجتماعي من أجل إعادة المستخدمين إلى هذه التطبيقات بشكل متكرّر وعلى مدار الساعة.
تتألّف هذه الاستراتيجية من ثلاث مراحل بسيطة تشكِّل في مجملها حلقة متكاملة من الفعل القابل للإدمان، في البداية يكون هنالك التنبيه لجذب الانتباه، ومن ثمَّ يتم الرد على هذا التنبيه من خلال فعل معين، وفي النهاية تُقدَّم مكافأة تتناسب مع هذا الفعل، بعد تكرار هذه الحلقة لفترة معينة يصبح هذا الفعل إدماني، ومن الممكن أن يُحفَّز من أي منبه مهما كان بسيطًا.
تُنفِّذ التطبيقات هذه الاستراتيجية بأفضل شكل ممكن، حيث أنَّنا في معظم الأوقات نفتح التطبيق من خلال هذه الآلية، يصلنا إشعار ما (تنبيه)، نضغط عليه لفتح التطبيق (فعل)، نرى إعجاب وتعليق صديق على إحدى صورنا (مكافأة)، وهكذا نستمر بالدوران في هذه الحلقة للعودة باستمرار إلى هذه التطبيقات وبشكل غير إرادي في معظم الأحيان.
2- تقنية كلب بافلوف
هل لاحظت مسبقًا ما الذي يحدث عند تواجدك في غرفة مع أشخاص آخرين لديهم نفس نغمة الاتصال أو نفس صوت الإشعارات؟ عند وصول تنبيه إلى أحدهم (رسالة على المسنجر مثلاً) سوف يبدأ الجميع بتفقّد هاتفه وبشكل غير إرادي على الرغم من أنَّهم لم يشعروا باهتزاز الهاتف حتى.
هذا ما نسمّيه باستجابة بافلوف أو تقنية كلب بافلوف، والتي استمدَّت اسمها من التجربة الشهيرة التي قام بها العالم الروسي “إيفان بافلوف”، والتي أثبتَ من خلالها نظرية “التكيُّف الكلاسيكي”، والتي تنص على أنَّه عند ارتباط محفّز شرطي مع محفِّز أساسي لفترة زمنية وبشكل متكرّر، سوف يتمكن المحفِّز الشرطي وَحْدَهُ من إثارة استجابة مماثلة للاستجابة التي كان يثيرها المحفِّز الأساسي مسبقًا.
وهذا ما يحدث معنا عند وصول إشعار ما على الهاتف، في البداية كنا نحتاج إلى اهتزاز الهاتف بالإضافة إلى الصوت للتنبُّه إلى وصول إشعار، ولكن بعد فترة من الاستخدام أصبح مجرد صوت الإشعار يحفِّز استجابتنا لفتح الهاتف وربما لفتح التطبيق أيضًا.
3- الإشراط الإجرائي
هل لاحظت شيئًا متشابهًا في معظم الإشعارات التي تصلك يوميًا؟ معظم هذه الإشعارات تكون نصوصها قصيرة جدًا ومبهمة، ولا تحتوي على تفاصيل مهمة، على سبيل المثال، من الممكن أن يصلك إشعار من تطبيق فيسبوك على الشكل الآتي “ذكرك صديقك في تعليق” وبالطبع يُذكر اسم الصديق في الإشعار، ولكن المعلومة الأهم التي يجب ذكرها أيضًا هي التعليق الذي تمَّ ذكرك فيه.
في الواقع فإنَّ العديد من تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وغيرها تتقصّد هذا الأمر، حيث تحرص على ذكر بعض من المعلومات في إشعاراتها لإثارة فضول المستخدم، الذي سوف يدفعه فضوله لفتح التطبيق والعودة إليه بشكل متكرّر، أو حتى المكوث فيه والانتظار، وهذا ما يسمى بالإشراط الإجرائي، وهو عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي يتعرض لها الشخص ضمن شروط معينة (الإشعارات في حالتنا) من أجل أن يتعلم نمط محدد من السلوك (فتح التطبيق وتصفُّحه) وتكراره بصورة غير واعية.