رسالة الراعي الصالح


نصائح لتنشئة مراهق سوي نفسيا.. أهمها المشاركة والدعم

يعتقد بعض الناس أن الانتقال من مرحلة الطفولة إلى المراهقة يمر بالسلاسة ذاتها التي يتّسم بها الانتقال من صفوف المرحلة الابتدائية إلى الصفوف الإعدادية.

لكن في واقع الأمر، المراهقة ليست بتلك البساطة، إنها أشبه بانتقالك من المساحة المخصصة للأطفال في المطاعم والمولات إلى ساحة حرب تشتبك فيها مع حبيب لا عدو. الأمر ليس صعبًا على الآباء فقط، بل هو أكثر صعوبة على المراهقين أنفسهم، إذ يعاني هؤلاء كثيرًا من تقلبات المزاج والتحسس الزائد، مما يحتاج منهم إلى كفاح طويل ليتخطوها.

المراهقة مرحلة مضطربة، تنعكس على المحيط العائلي والدراسي، أو حتى عبر مواقع التواصل التي غيّرت مفاهيم المراهقة القديمة.

تقول كارولين ديلوريتو، المستشارة المدرسية والحاصلة على ماجستير في التربية، في مقالها على موقع "سايكالايف" (Psychalive)، إن التعامل مع المراهقين ينبغي أن يتمحور حول تنمية إحساس واضح بالذات، يجعل تواصلهم مع آبائهم مبنيا على على أسس قوية من الاحترام والإيجابية لسنوات طويلة.

ولعل تشجيع الاستكشاف والفضول، ودعم اختيارات الأطفال، والتوقف عن القلق على مستقبلهم الجامعي، وعدم محاولة فرض حياتك وأحلامك عليهم هي الأسس التي يمكن البناء عليها في تنشئة مراهق قادر على أن يكون شخصًا فعالًا وسويًّا نفسيا واجتماعيا في المستقبل.

ويرى الكاتب والخبير في العلاقات دانيال يونغ، في كتابه "16 مفتاحًا للتعامل مع المراهقين"، أن هؤلاء قادرون على التغيّر والتبدّل، ويقول إنه خلال حياته العملية لاحظ كثيرا من الحالات التي تحوّل فيها مراهقون من نماذج غير مبشّرة إلى ناجحين وقادرين على مواجهة الحياة والتعاطي معها بشكل فعال، كانت النصائح الأبوية هي عماد التحسّن للأفضل في حياة المراهقين، فجعلت حياتهم أهدأ وطورت نموّهم العاطفي والعقلي بشكل ملحوظ.

يشير يونغ، في كتابه، إلى أن المراهق يطوّر إحساسًا بهويته، لذا فإن سلوكه الذي قد تراه ضدك أحيانًا هو على الأغلب ليس موجّهًا إليك على الإطلاق، "فالمراهقة هي الفترة التي يبدأ فيها الصراخ الداخلي للطفل، ليعلم الجميع أنه موجود، شخص مختلف عن أبويه، له استقلاليته وفرديته. وهنا، على الأبوين أن يلتزما بالحب والدعم غير المشروط، لأن الصراخ المواجه سيكلف الجميع كثيرا من العناء".

نصائح دانيال يونغ لتنشئة المراهقين

يميل المراهقون إلى الاكتئاب في تلك المرحلة من حياتهم، ففي طريق اكتشافهم لحياتهم وهويتهم هم محاصرون بالجداول والقيود العائلية والمجتمعية، وذلك يشعرهم بالعجز، فالإدارة الدقيقة لحياتهم من جانب الأبوين تسهم في وضع مزيد من البنزين على الحريق المشتعل. ولحماية علاقة الآباء بأبنائهم المراهقين، يقدم يونغ عددًا من النصائح التي تساعد أولياء الأمور على تجاوز تلك المرحلة بأقل آثار سلبية ممكنة، وأهمها:

  • مشاركتهم في وضع القواعد والحدود

وذلك حتى لا يشعروا بتحكّمك بحياتهم، فالقواعد العادلة والمناسبة للجميع أفضل من السيطرة الكاملة.

  • لا تكن والدًا فقط ولا صديقًا طوال الوقت

كن معهم مثلما تكن مع أصدقائك إذا جاؤوك راغبين في حل مشكلة ما، استمع ولا تحكم، أظهر الاحترام لهم وحافظ على طريقة مهذبة في التواصل بينكم.

  • احرص على تمضية وقت ممتع معهم مهما كانت مسؤولياتك

لا تدع الأيام تتسابق من دون أن تمضي وقتًا ممتعًا مع ابنك المراهق، فالذكريات هي العمر الباقي، وهي ما تربّي ابنك التربية الحقيقية.

  • تجنب حديث الغضب مع ابنك المراهق

إنه أمر محبط عندما يكون المراهقون غير محترمين، لكن الرد بعدم الاحترام يزيد العلاقة تدهورًا. لذا، إن كنت غاضبًا من عدم تهذيب ابنك دع الأمر يمر حتى تهدأ العاصفة، وسيذكر أنك احترمت غضبه ويقدر لك ذلك.

  • دع ابنك المراهق يختبر عواقب أفعاله

التجربة دائمًا هي الحل، لا أحد سيكتشف العالم إلا بالتجربة، والتجربة لا تعني النجاح، والفشل فيها لا يستحق عقابا، لكنه يستحق أن نتعلم منه كيف ننجح في المرات المقبلة. لذا، لا داعي أن تنقذ ابنك دومًا من الألم، على العكس تمامًا، الألم هو ما يمنحه القدرة على مجابهة قادم الأيام التي لن تكون موجودًا فيها لحمايته.

  • ركز على الأشياء المهمة

لا تضيع طاقتك ووقتك وأنت تحاول جاهدًا جعله يقص شعره الذي لا يعجبك.

  • ادعم طفلك واهتماماته وشغفه

ما دمت تراه يقسم وقته جيدًا، شاركه في هواياته، سواء أكانت الاستماع إلى الموسيقى أو مشاهدة أفلامه المفضلة، ليلة الجمعة.

  • تناول وجبات الطعام معه بانتظام

مشاركة الأسرة وجبة واحدة يوميًّا تحسن من الأداء الأكاديمي، وتخفض معدلات الاكتئاب، وتحسّن الصحة الجسدية والتوازن العاطفي.

  • ركّز على الجانب الإيجابي لديهم

من السهل أن تنتقد العادات السيئة لأبنائك، لكن الأشياء الجيدة التي يقومون بها تستحق منك أن تلقي الضوء عليها وتشيد بها.

  • كن قدوة لابنك المراهق

يراقب الأبناء دومًا ما يفعله الآباء، سيفعلون ما تفعل من دون أن تأمرهم. هم فقط سيقلدون تصرفاتك، فاحرص أن يكون ما تقدمه لهم جيدًا ولطيفًا، وشجّعهم على أن يكونوا شخصيات سوية ومحترمة.

  • أبدًا لا تقارن ابنك المراهق بآخرين

المقارنات تكون في كثير من الأحيان عامل هدم لثقة الطفل بنفسه. ولتجنّب ذلك، دعه يشعر بأنه طبيعي ومحبوب كما هو، وأنه يتميز عن غيره ببعض الجوانب الإيجابية، وأنه ليس مطالبًا بأن يصبح مثل فلان.

  • مشاركته تفاصيله اليومية

فذلك لا يلغي أبدًا احترامك لخصوصيته، ولا يعني أيضًا اقتحام مذكراته الخاصة أو حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

  • شجعهم على الاعتناء بحياتهم

وذلك من خلال الرعاية الذاتية وممارسة الرياضة والاهتمام بالصحة العامة، والاهتمام بصحتهم النفسية وتقليل التوتر والقلق.

  • لا تخف من أن تكون ضعيفًا

الوالد المثالي غير موجود، لا بأس في الخطأ أثناء التربية، فقط اعترف بخطئك واطلب السماح منهم. أظهر لطفلك أنك لست كاملًا، ولا تطلب منه أن يكون كاملًا.

الأكثر مشاهدة