رسالة الراعي الصالح


سر التغلب على الخوف

‘‘لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَارِبُوا فِي هَذِهِ. قِفُوا ٱثْبُتُوا وَٱنْظُرُوا خَلَاصَ ٱلرَّبِّ مَعَكُمْ يَا يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمُ. لَا تَخَافُوا وَلَا تَرْتَاعُوا. غَدًا ٱخْرُجُوا لِلِقَائِهِمْ وَٱلرَّبُّ مَعَكُمْ» (أخبار الأيام الثاني 20: 17)

نواجه جميعًا أنواعًا مختلفة من المعارك في حياتنا، فلا أحد يفلت من المشاكل والتحديات التي نسمِّيها غالبًا ‘‘عواصف الحياة’’، لكن الخبر السار هو أنَّ الله يعرف جيدًا ما سيفعله لدى مواجهتنا الصعوبات، وقد أعدَّ خطَّة لنصرتنا. جاء في الأصحاح 20 من سفر أخبار الأيَّام الثاني أنَّه ليس علينا أن نحارب حروبنا، لأنَّ الحرب هي للربّ وليست لنا، وكلُّ ما علينا فعله هو أن نأخذ مواقعنا ونثبت فيها إلى أن تأتي الغلبة والنصرة.

ما هي مواقعنا؟ أؤمن بأنَّها عبادة الله

أوَّل أمر يحدث عندما تهبُّ عاصفة في حياتنا هو فقدان سلامنا والشعور بالخوف، إن لم يكن لدينا إيمان راسخ بالله، ثمَّ يبدأ الشيطان عدوُّنا ببثّ تساؤلات في أذهاننا، وغالبًا ما نبدأ بتوقُّع الأسوأ.

عندما تحدث هذه الأمور، يجب أن ندرك ما يجري: العدو يحاول منعنا من المضيّ قدمًا في مشيئة الله واختبار خطَّته الصالحة لحياتنا، لكن الله يريد أن نعيش أحرارًا تمامًا من الخوف والعذاب، ولا يشاء أن يمنعنا الخوف من فعل ما يقودنا إليه بكلِّ ثقة.

عندما نفهم جيِّدًا محبَّة الله الكاملة وغير المشروطة لنا، ندرك أنَّه سيهتمّ دائمًا بكل الأمور التي تخصُّنا، فتحرِّرنا هذه المعرفة من خوفنا. وبينما ننمو في اختباراتنا مع الله، ونرى أنَّه يهتمُّ بنا دومًا ويسدِّد احتياجاتنا، نبدأ بالاسترخاء.

‘‘لَا خَوْفَ فِي ٱلْمَحَبَّةِ (لا مكان للرهبة)، بَلِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْكَامِلَةُ (والمثاليَّة) تَطْرَحُ ٱلْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ (ولا تترك أثرًا للرعب) لِأَنَّ ٱلْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ (لم ينمُ ليبلغ ملء المحبَّة الكاملة) 1 يوحنا 4: 18.

الله يتحرَّك بالنيابة عنَّا عندما نثبِّت أنظارنا عليه بدلًا التركيز على مخاوفنا

ليست أفكار أو مشاعر الخوف سوى محاولة من العدو لإبعادنا عن الله وعن مشيئته لنا. قد نشعر بالخوف في أوقات مختلفة من حياتنا، لكنَّنا نستطيع أن نثق بالله، وحتَّى إذا احتجنا إلى القيام بأمر ما، يمكننا فعله بالرغم من شعورنا بالخوف.

بدأ الله يعلِّمني نظرية ‘‘القيام بالأمور حتَّى لو كنت خائفة’’ منذ سنوات عدَّة، ووجدت أنَّه حين قال ليشوع ‘‘لا تخف’’ (يشوع 1: 8)، أراد تحذيره من محاولة الخوفِ مَنعَهُ من المضي قدمًا في تتميم مشيئة الله لحياته؛ لذا، وبدلًا من السماح للخوف بالسيطرة عليه، كان عليه أن يتشدَّد ويتشجَّع ويمضي قدمًا، وأن يخوض المعركة ضدَّ الخوف ويربحها لكي يختبر نصرة تتميم مشيئة الله ويستمتع بكل ما أعدَّه لحياته.

‘‘لِأَنَّ ٱللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ ٱلْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ ٱلْقُوَّةِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلنُّصْح’’ (2 تيموثاوس 1: 7).

عندما ينتابنا الشعور بالخوف أو تراودنا أفكار مخيفة، أوَّل أمر يجب أن نفعله هو الصلاة، فأنا أقول دومًا، ‘‘صلُّوا لكلِّ شيء ولا تخافوا شيئًا’’. لذا، يجب أن نجدَّ في طلب الله إلى أن ندرك أنَّنا انتصرنا على مخاوفنا ذهنيًّا وعاطفيًّا، وعندما نطلب الله، نحن نثبِّت أنظارنا عليه بدلًا من التركيز على مخاوفنا، فنحن نعبده لأجل شخصه ونعرب عن تقديرنا للأعمال الصالحة التي صنعها، ويصنعها، وسيستمرُّ في صنعها.

لقد أعدَّ لنا الله فرصًا جديدة وأمورًا عظيمة، وعلينا اتّخاذ خطوات إيمان إضافيَّة للحصول عليها، وغالبًا ما يعني هذا قيامنا بأمور لا نرغب فيها، أو لا نعتقد أنَّها ستنجح. لذا، يجب أن تكون ثقتنا بالله ومهابتنا له أعظم من أفكارنا وإرادتنا ومشاعرنا.

يأتي العدو بشتَّى أنواع العواصف إلى حياتنا، ويحاول استخدام أشكال مختلفة من الخوف لمنعنا من اختبار كلِّ ما أعدَّه الله لنا، لكنْ حتَّى إذا شعرنا بالخوف، يجب أن نثبِّت أنظارنا على الله، فهو وضع خطَّة لمعاركنا، وسيمنحنا الشجاعة والإيمان لنيل السلام والانتصارات والبركات التي أعدَّها لنا.

إذا كانت حياتنا تفيض تسبيحًا لله لأجل أعماله الجبَّارة، وعبادةً لشخصه، فسنراه يخوض معاركنا بالنيابة عنَّا وسنختبر انتصاراته المفعمة بالفرح.

الأكثر مشاهدة