رسالة الراعي الصالح


المسيح المخلص

ما هو الخلاص؟
"كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ." (يو 1: 10-13).
الآيات تتحدث عن المسيح، له المجد، الذي بشّر به الملاك للقديسة العذراء مريم، قائلاً: "فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ." (مت 1: 21). فدور المسيح واسمه هو "المخلّص"، جاء ليطلب ويخلّص ما قد هلك، ليحرّر الإنسان من عبودية إبليس، ومن الموت والفساد والخطيّة. هذا هو سبب التجسّد الإلهي ومجيء الكلمة إلينا.

معنى الخلاص والاتحاد بالمسيح
الخلاص، في كلمة واحدة، هو الاتحاد بالمسيح. قال القديس غريغوريوس النزينزي هذا المفهوم، وهو ما نراه أيضًا في الآية: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يو 1: 12)، أي من اتحدوا به، دخل في داخلهم، لأنّه هو الحياة، وهو النور، وهو المحبة، وهو المخلّص.
فلا بدّ أن أفتح قلبي للمسيح وأقبله مخلّصًا لحياتي. فبسبب اتحادي بابن الله، نصير أبناء لله. المسيح هو الابن الوحيد، الذي في حضن الآب، وهو الذي أخبر. ونحن نصير أبناء بالتبنّي، بسبب حلول الابن فينا. كما يقول: "ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ»." (غل 4: 6). فروح الابن في داخلي يصرخ إلى الآب: "يا أبي"، وبهذا أُصبح ابنًا، بسبب اتحادي بالابن، وقبولي له، فيحدث التغيير في داخلي.

من ماذا نَخلُص؟
نَخلُص من الخطيّة، من عبودية إبليس، من الموت، ومن الفساد. كما يقول الكتاب: "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا،" (أف 2: 1). حياته تدخل داخلي، فتُبطل الموت الذي فيّ، وتبلع الفساد، والنور يبدّد الظلمة. لكن، هل أستطيع أن أتغيّر من ذاتي دون أن أقبل المخلّص؟ مستحيل.

كيف نَخلُص؟
الخطيّة تُغلب من خلال المخلّص، من خلال المسيح. هناك من يقول: "آمِن بما فعله المسيح على الصليب فتخلُص." هذه عبارة صحيحة، ولكنها مبتورة. ليس مجرّد الإيمان هو الذي يخلّصني، بل الإيمان هو ما يقودني إلى التوبة.

فأنا أقول: "أنا لا أريد الخطيّة، أريد المسيح، أريد أن أتغيّر." مع الاجتهاد، ومع توبة حقيقية، ومع قبول شخصي للمسيح، أبدأ في الخلاص.

التوبة ليست مجرد كلمات اعتذار

مثل "حقك عليا يا رب" أو "أنا متأسف يا رب أنا خطيت".

ولكن، التوبة هي:
تبدأ بالاقتناع. هذا الاقتناع يتضمن اكتشافين أساسيين:

  • اكتشاف أن الخطية هي الموت والهلاك، وأنك "جوه النقطة الغلط" (الخطية) و"جوه بئر الهاوية" (الذي هو إبليس). فالهاوية هي إبليس، وأن تكون في الهاوية يعني أن تكون في إبليس.
  • اكتشاف أن المسيح هو حياتك ونجاتك، وأنه هو القادر على إنقاذك من الخطية والموت.

بعد هذا الاقتناع، تتحول التوبة إلى طلب للحياة والمسيح.
فالتوبة هي حركة انتقال من الموت إلى الحياة وتتضمن الرغبة والموافقة القلبية الكاملة لترك الحياة القديمة (حياة الخطية) وترك إبليس، وطلب المخلص، المسيح الذي هو الحياة.
عندما يصبح هذا الاقتناع حقيقيًا وأكيدًا ومن كل القلب، تتدخل قوة الله للخلاص، حيث يمد المسيح يده وينقلك من الموت إلى الحياة.
تتجلى علامات التوبة الحقيقية في الخروج من إحساس الموت والضيق والاكتئاب وكل أعراض إبليس، والدخول في الفرح والسلام والحب والاستنارة وفهم كلمة الله ومشيئة الله، وعلامات الحياة هي الحب والفرح والسلام والشوق للمسيح.

خلاصة الطريق إلى الخلاص
إذًا، الطريق إلى الخلاص يشمل ثلاث خطوات أساسية:

  • إيمان قلبي صادق.
  • توبة صريحة تعبّر عن رفضي للخطيّة.
  • قبول حقيقي للمسيح كمخلّص حيّ يدخل القلب.

حينها، يحلّ النور في داخلي، وتبدأ الحياة الأبدية في التدفق الآن (في تلك اللحظة).

رغبة القلب ودور الإرادة في الخلاص
إن إرادتي، نعم من أعماقي، تريد المسيح. إرادتي الداخلية تشتاق إليه، لكي يأتي إلى حياتي. وهذا يتوافق تمامًا مع ما قاله الرب نفسه: "هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي." (رؤ 3: 20).

إذاً لا بد أن أفتح له الباب. هذا هو معنى "فتح الباب": أن أكون بالفعل أريد المسيح، وأرفض الخطيّة، وأرفض طرق إبليس، وأشتاق إلى التغييرحتى لو لم أكن قادرًا بنفسي، حينها يأتي المخلّص.

فالخلاص يتحقق عبر إيمان حقيقي، وتوبة قلبية، وقرار إرادي بالرفض الكامل للخطيّة. أعترف بها، وأعتذر عنها، وأطلب غفران المسيح الذي يُطهرني بدمه. أفتح قلبي له، فهو المخلّص، وهو الحياة.

وعند اجتماع هذه العناصر الثلاثة: الإيمان، التوبة، والقبول يحدث التغيير.

المسيح هو النور والحياة
المسيح هو "كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ." (يو 1: 9)
. هذا النور يُبطل الظلمة الكامنة داخلي. وحياته تبتلع الموت الذي فيّ، فيبدأ التحوّل.

لكن بدون هذه الحياة، وبدون أن يدخل المسيح إلى داخلي، من أين لي بالحياة؟ الحياة الحقّة هي في المسيح. كما هو مكتوب: "مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ." (1 يو 5: 12). هذا ينطبق على من يرفض المسيح كمخلّص.

الحياة الأبدية هي في الابن
في رسالة يوحنا الأولى، نقرأ: "وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ." (1 يو 5: 11). ما معنى أن "الحياة في ابنه"؟ الابن هو الحياة ذاتها. هو القائل: "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي." (يو 14: 6)
هذه الحياة الإلهية ظهرت وتجسّدت في شخص المسيح. فالطريقة الوحيدة التي تصل بها إلينا حياة الله، هي من خلال الابن المتجسّد، يسوع المسيح.

هذه هي الحياة الأبدية: حياة غير زائلة، تبدأ الآن وتدوم إلى الأبد. ولهذا أُؤكّد مجددًا أن الخلاص هو في قبول المسيح، أن يدخل قلبي، ويحييني من الداخل.

كما قال الرسول بولس: "لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ،" (أف 3: 17). فعندما أقبل المسيح وأتّحد به، أتغيّر من الداخل. أما إذا قال أحدهم: "أنا آمنت"، دون أن يحدث أي تغيير داخلي، فعليه أن يُراجع نفسه.

فحتى الشياطين يؤمنون ويقشعرّون "أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!" (يع 2: 19). لكن لم يكن له خلاص لأنه رفض الطاعة والتوبة.

بداية الحياة الجديدة
إذًا، الخلاص لا يكون بالإيمان فقط، بل أيضًا بقبول وتوبة وطلب صادق للمسيح أن يسكن في القلب. هذه هي البداية الحقيقيّة للحياة الجديدة معه.

قال الرب في صلاته: "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ." (يو 17: 3). هذه المعرفة ليست عقلية فقط، بل معرفة اختبارية، فيها علاقة واتحاد، وفيها حضور حقيقي للحياة.

الكلمة هي الأساس، فحين تُنطق الكلمة بالروح القدس، وتُستقبَل بإرادة منفتحة، يدخل الروح القدس إلى القلب، ويُعطي حياة ابن الله للسامع.

لكن انتبه، هناك أمران ضروريان:

أن تكون الكلمة منطوقة بالروح القدس، أي مشبعة بالحياة الإلهية وليس مجرّد كلام بشري.

أن يكون القلب قابلًا ومنفتحًا، راغبًا في التوبة والاتحاد بالمسيح.

إن قُدمت الكلمة بالروح، ولكن المتلقي لا يريد أن يتوب ولا يقبل المسيح، فلن يحدث شيء، رغم فاعلية الكلمة. فالإرادة شرط أساسي لقبول الحياة.

الكلمة المنطوقة وروح الحياة
ابدأ بالكلمة. فالكلمة المنطوقة بالروح القدس قادرة أن تُولد الحياة في داخله، لأن الإيمان لا يأتي من فراغ، بل من خلال الكرازة، كما يقول الكتاب: "فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟" (رو 10: 14). 
فمن خلال الكرازة، ومن خلال الكلمة، سواء من فم خادم أم من الإنجيل مباشرة، يدخل الروح القدس.

لهذا يقول الكتاب: "لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ." (كو 3: 16). فلا بد أن تسكن الكلمة في داخلي، وأن يحلّ الروح القدس معها، ثم يأتي المسيح في الروح القدس ليملأ القلب.

كيف أعرف أنني ابن لله؟
سؤال مهم جدًا يُطرح: كيف أعرف أنني أصبحت ابنًا لله؟ لأن كثيرين قد يقولون: "سلّمت حياتي للمسيح منذ سنوات"، ولكن حياتهم لم تتغير.

هل دخل المسيح فعلاً ولم يغيّر شيئًا؟ هل بقيت ردود أفعالي وتصرفاتي كما هي؟ التغيير يكون تدريجيًا، نعم. والنمو يتم يومًا بعد يوم، لكن لا بد أن تكون الحياة قد دخلت بالفعل إلى الداخل. حياة المسيح.

علامات دخول الحياة إلى الداخل
العلامة الأولى:
السلام. أول ما يحدث هو دخول سلام الله إلى قلبي. كما يقول الكتاب: "وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (في 4: 7). قال الرب: "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." (يو 14: 27). 
فهو لا يمنح مجرد مشاعر، بل يعطي سلامه الشخصي ليسكن داخلي، فيبدّد الاضطراب والخوف والتوتر واليأس والحزن، ويمنحني راحة حقيقية. كثيرون يقولون: "ارتاح قلبي"، "ذهني استنار"... كل هذه علامات حقيقية لوجوده.

العلامة الثانية: المحبة. المحبة ليست شعورًا، بل دليلًا روحيًا أنني قد وُلدت من الله. يقول الكتاب: "وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا." (رو 5: 5).

فأحب الله، وأحب المسيح، وأحب الآخرين. ليس لأنني ألقي عظات أو أقدّم عطايا، بل لأن داخلي قد امتلأ من محبته. كما قال الرب: "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ»." (يو 13: 35). ويقول الكتاب: "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ." (1 يو 3: 14).

المحبة والغفران: الامتحان الحقيقي
والمحبة تُختَبر بالغفران. فإن كنت لا أستطيع أن أغفر لمن أساء إليّ، وقلبي ممتلئ بالمرارة تجاه أخي، فإن المسيح لم يدخل بعد قلبي. فالوصية تقول: "وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلاَتِكُمْ." (مت 6: 15).

فإذا لم أغفر، فأنا نفسي لست مغفورًا لي، وهذه علامة خطيرة أنني لم أتغيّر بعد. كيف أقول إن المسيح حرّرني، وأنا لا أريد أن أُحرر أخي؟ قال الكتاب: "وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ." (1 يو 2: 11). فكيف يكون المسيح قد دخل، وهو نور، وأنا لا أزال في الظلمة؟

حياة الطاعة تحت سلطان المسيح
إذا صرت ابنًا، فذلك يعني أنني خاضع لأبيّ، لا متمرد. أنا أضع نفسي تحت دمه، تحت سلطانه، وأطيع وصيته. والوصية ليست ثقيلة، بل صُممت لأجلي: فعندما أغفر، أتحرر من المرارة، والجرح، والغيظ. أما إن بقيت منفتحة لأفكار إبليس، وسمحت له أن يملأني بالغضب والظلمة، فأنا أؤذي نفسي. المؤمن الحقيقي يغفر تلقائيًا لمن أساء إليه، وهذا هو الطبيعي. وإن لم أقدر، فأسأل: هل أنا لا أريد؟ أم لا أستطيع؟ فهناك فرق.

رفض الخطيئة
فالذي وُلِد من الله لا يتلذذ بالخطيئة، ولا يقبل أن يعيش فيها، بل يرفضها من قلبه. لكن إن كنت لا أزال متصالحًا مع الخطيئة، فالمشكلة تبدأ من هنا.

حين أجد نفسي رافضًا للخطيئة، هذا لا يعني أنني أصبحت قادرًا دائمًا على الانتصار، بل يعني أنني صرت أكره الخطيئة في داخلي، حتى إن لم أقدر أحيانًا أن أتركها. فأطلب من المسيح نعمة الغفران، وأشتاق أن أعيش بحسب قلب الرب، أن أعيش حياة الغفران، وحياة المحبة.

علامات البنوة لله
١. السلام

أول علامة هي سلام الله. إن كان داخلك انزعاج، تعب، وعدم راحة... فهذا يشير إلى غياب سلام المسيح. فالمسيح حين يدخل، يُعطي سلامه الخاص: "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." (يو 14: 27). 
فإن كنت لا تختبر هذا السلام، فراجع نفسك.

٢. رفض الخطيئة
ثاني علامة هي أنني لم أعد أقبل الخطيئة كما في السابق. كنتُ أشرب الخطيئة كالماء، والآن، إن أخطأت بكلمة، أبكي. لأنني تغيّرت، وصرت شريكًا في الطبيعة الإلهية. أصبحت طبيعتي ترفض الخطيئة، حتى إن سقطت، فلا أرتاح فيها.

٣. المحبة والغفران
أن تُسكَب محبة المسيح في قلبي، لكي أحب الآخرين وأغفر لهم. هذه أهم علامة. فإن كنت لا أستطيع أن أغفر، فلابد أن أراجع نفسي: هل وُلدت الولادة الثانية؟ هل فيّ الحياة الأبدية؟ "كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ." (1 يو 3: 15).

يقول يوحنا الرسول في رسالته الأولى: "إِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟" (1 يو 4: 20). فالمحبة والغفران هما مقياس البنوة لله.

دعوة صادقة للمراجعة والتوبة

إن كنت تشعر بأنك ابن لله لمجرد أنك صليت أو كررت عبارة، دون أن ترى التغيير في حياتك، فعليك أن تراجع نفسك.

اجلس أمام الرب بتوبة وثقة، أخرج الخطيئة إلى النور، تغطَّ بدم المسيح، واطلب أن يدخل المسيح قلبك شخصيًا، أن يسكن فيك بروحه القدوس، فتشعر بحضوره في داخلك، وتحيا حياة أبدية، تمتلئ بالغفران، والمحبة، وطاعة وصاياه كل يوم.

آمين.

الأكثر مشاهدة