قناة الراعي الصالح


الحرب الروحية - الدرس الأول

الحرب الروحية

الدرس الأول

(الحرب الروحية بين القديم والجديد)

     عندما نقارن بين قراءة العهد القديم، وقراءة العهد الجديد، سنجد فهم الحرب الروحية في العهد الجديد، غير موجود في العهد القديم، لذلك نجد الشيطان في العهد القديم وقف مقابل الملاك وهو ذاهب من عند الله لدانيال كي يبلغه إجابة صلاته، أن الشيطان ظل يقاوم الملاك حتى لا يصل إليه.

     إلى هذا الحد كان إبليس مفتري، حتى ظل يقاوم الملاك المرسل من الله ثلاثة أسابيع، ولم يقدر عليه، إلى أن جاءه معونة من مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ "وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهُوَذَامِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي، دانيال ١٣:١٠ " كي يدعمه ليصل لدانيال ويبلغه الرسالة التي من الله له.

     الذي يقرأ هذه الرواية يتساءل، هل الشيطان كان متجبر إلى هذا الحد؟

     وهذا يعكس الحدث العظيم الذي حدث على الصليب، أن ابن الله لما أُظهر في الجسد الإنساني ودخل في المواجهة معه، جرده قوته وسلطانه وطرحه إلى الهاوية "إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ. (في الصليب) كولوسي ١٥:٢ "

     القديس أثناسيوس الرسولي في كتابه تجسد الكلمة، يفاخر أمام الوثنيين ويقول أنظروا ما حدث في كنيسة المسيح العذارى اللائي استطعن أن يهزمن الشرير، ويهزموا روح الشهوة، ويصبحوا مكرسات للمسيح، فقد أخذ بيان عملي وتطبيقي كيف أن بناتنا العذارى استطعن أن يهزمن الشرير، وملوككم العظماء، ولم يسقطوا مثلما سقط ملوككم تحت رجلي إبليس وسقطوا في الخطايا.[1]

     والآن نري الفرق بين الوضع في العهد القديم الذي فيه نرى أن الملائكة غير قادرة أن تصل إلى دانيال لإبلاغه برسالة السماء، وبين العهد الجديد أن أصغر طفل وليس فقط العذارى المكرسات الذي فيه روح المسيح قادر أن ينتهر إبليس " كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. ١ يوحنا ١٤:٢ " نحن في عهد جديد في علاقة الله بالإنسان، وعلاقة الإنسان بالشيطان.

     ففي علاقة الإنسان بالله، قد صارت بالاتحاد بابن الله المتجسد، اتحاد تعني أن الله أصبح في داخلي بالمسيح." جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟  ٢ كورنثوس ٥:١٣"

     أما علاقة الإنسان بالشيطان، أن الإنسان أصبح أصغر شخص قادرًا باسم يسوع أن ينتهر الشيطان ويطرده إلى خارج ويهرب الشيطان من أمامه." فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. يعقوب ٧:٤ "

     والسؤال المطروح الآن إذا كان الأمر بهذه البساطة، إذًا لماذا الحرب الروحية؟

     وللإجابة على هذا السؤال، توجد نقطة جوهرية، وهي أن كثيرين يريدوا أن تكونوا للمسيح، ويحيوا بالإنجيل، ولكنهم لم يجدوا من يسلمهم مفتاح الطريق، أو أُعطوا مفتاح مكسورة أسنانه، ولم يتمكنوا من أن يفتحوا! مثال.

     الذين قيل لهم (آمن فقط) و (لا تشك في قلبك) ويعودن يشكون أنهم آمنوا بالمسيح، ولم يشكوا في قلبهم أن المسيح مات لأجلهم ويؤمنوا أن المسيح مات لأجل خطاياهم، ويؤمنوا أن المسيح هو ابن الله، ورغم أنهم يؤمنوا بكل هذا، ولكن الخطية التي فيهم مازالت كما هي في داخلهم، ولم يحدث جديد فيهم. الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ، مازالت سَّاكِنَةُ فِيَّ " فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ." رومية ٢٠:٧، ومن ثم فنقطة البداية هي أن الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ تخرج ويحل محلها الطبيعة الجديدة "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. 2 كورنثوس ١٧:٥ " فإذا لم أستلم الطبيعة الجديدة، لا يوجد فائدة من الكلام.

     البعض يقولون للمؤمنين أننا نستلم الطبيعة الجديدة في المعمودية، فإذا كنت قد تعمدت، إذًا أنت أخذت الطبيعة الجديدة، ثم يأتي الشخص الذي اعتمد، ويقول لي، أنا قد تعمدت، ولكن الخطية فيَّ كما هي لم تخرج مني، وأنهم قالو له نص الإنجيل "لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ غلاطية ٢٧:٣ " نعم نص الإنجيل صحيح. فمع ندرة المرات التي كنت اعمد فيه طفلا بنفسي، وأنا أقوم بتعميد الطفل رأيت الروح القدس وهو يُسلم لهذا الطفل في المعمودية.

     ولكن الذين يدرسون الآباء وكتاب القديس كيرلس الأورشليمي، عن المعمودية والأفخارستيا، نجد أن المعمودية لابد أن تمر بـ 6 خطوات من التعليم، والتدريب، وطرد الأرواح النجسة، والتوبة، والدراسة، صف طويل من الممارسات كان يستغرق ما بين 6 شهور إلى ثلاث سنوات، ثم يقفوا طابور، ويضع الأسقف اليد عليهم (ولأن لديه روح تميز) كان يجعل البعض يقوموا بإعادة الكورس. أما جميع الناجحين يتقدموا للدخول في طقس المعمودية أي طقس التغطيس.

     هذه هي المعمودية التي يقول عنها الإنجيل البسوا المسيح "بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، رومية ١٤:١٣" وهذا هو الإيمان الذي يتسلم، ولكن الذي يحدث الآن مختلف تماما، إلا أنه يطلق عليها معمودية.

     فإن كنت تريد المسيح حقيقة، فلا بد أن يسلمك أحد المسيح، بشرط أن يكون تسلم هو المسيح، لينقل لك النور، وينقل لك الروح الذي فيه، أرجو أن تنتبه للتعبيرات، قلت يسلمك.

     وهنا يسألني ساءِل هل يصلح أن شخص المسيح يظهر له ويسلمه هو شخصيًا، المسيح هو رب البيت، عندما ظهر الملاك لكَرْنِيلِيُوسَ، لم يستطع أن يعمده، لكن الذي قام بتعميده القديس بطرس، وأيضًا رب المجد نفسه عندما ظهر لشاول الطرسوسي أيضًا لم يعمده، بل أرسل له القديس حنانيا. هذه هي القواعد التي نعرفها ورأيناها في العهد الجديد، ولكننا لا نستطيع أن نحد طرق الله فهو يفعل ما يشاء.

     هذا هو العهد الجديد، وإن كان لا يرضي البعض، وهذا له معني نريد أن نفهمه "فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. أعمال الرسل ٤٠:١٠ " المعنى عندما أُسلمك الحياة الجديدة، أنني أنقل لك وأعطيك خط الشركة مع جسد المسيح ـ الكنيسة التي أنا فيها. فأنا لا أستطيع أن أقوم بعمل هذا الدور إلا إذا كنت جزء من كنيسة، وأن تكون الكنيسة قد أَعْطَت لي هذا التفويض، وهذا يعني أن الذي يقوم بهذا الدور لابد أن يكون مفوض من الجماعة بأن يقوم بدور نقل الشركة، ونقل المسيح الذي فيهم للشخص الجديد. عملية سلم واستلم، هذا شيء أساسي وحتمي   

     هناك من لا يتكلم عن المعمودية والجسد، ويقوم بعمل هذا الدور، ولكن بطريقة أخرى، بأن يذهب يصلي مع شخص ما وينقل له، فلابد أن يكون هناك شخص فيه روح الله، هو الذي ينقل التعليم، ويصلي مع هؤلاء الذين يريدون أن ينالوا الحياة الجديدة، وهذا الشخص لابد أن يكون مدرب وفاهم القواعد التالية: ـ

  1. لابد أن يكون من يطلب الحياة الجديدة أن يكون جاهز ومستعد لاستقبال ابن الله، أي أن يبيع ويتنازل عن كل ما هو ضد المسيح، ويرد المسلوب.

  2. لا يصلح أن يكون طالب الحياة الجديدة مقيدًا من روح إبليس، ولكي تُنقل له الحياة، لابد أن ينفك من روح إبليس.

     فلو أردت أن أقوم بالصلاة لأجلك للفكاك والتحرير، فلابد أن يكون لديك الإرادة لرد المسلوب، ثم بعد ذلك تأتي من أجل طلب الصلاة للفكاك من الأرواح الشريرة، بناء على قرار إرادي عربوني، ولكن لا يمكنني أن أسلمك الحياة الجديدة بدون أن تقوم بتنفيذ كل ما سبق وذكرته. وأيضًا لابد أن نتعلم الغفران كي أساعدك على أن تنفك وتغفر، ثم أستطيع أن أسلمك الحياة الجديدة.      

 

[1] كتاب تجسد الكلمة للقديس أثناسيوس الرسولي ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد ـ الناشر مؤسسة القديس أنطونيوس، المركز الأرثودوكسي للدراسات الأبائية ـ 48: 2 ص 153

وأنظر أيضًا ضد الوثنين للقديس أثناسيوس الرسولي البطريرك العشرون ترجمة دكتور جوزيف موريس فلتس، ومراجعة دكتور نصحي عبد الشهيد الطبعة الثانية المنقحة 2014 الفصل 26 ص 73، 74

اِرسل سؤال

لمشاهدة جميع الحلقات

اضغط هنا